درس أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 الثانية باك

درس أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 الثانية باك
المؤلف إقرأ ترتقي
تاريخ النشر
آخر تحديث

 

أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929

مقدمة

تُعد أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 من أبرز الأحداث التاريخية التي غيرت مسار الاقتصاد العالمي وأثرت بشكل عميق في النظام الرأسمالي برمته. هذه الأزمة التي عُرفت أيضاً باسم "الكساد الكبير" شكلت منعطفاً تاريخياً في تطور النظم الاقتصادية، وقدمت دروساً لا تزال صالحة حتى يومنا هذا. يتناول درس أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 الظروف والأسباب التي أدت إلى هذه الأزمة، وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، والإجراءات التي اتخذت لتجاوزها.

أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929


السياق التاريخي لأزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929

جاءت أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 في بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، حيث شهد العالم تحولات اقتصادية واجتماعية جذرية. خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب كقوة اقتصادية عظمى، بينما عانت الدول الأوروبية من خسائر فادحة. هذا الوضع خلق اختلالاً في التوازن الاقتصادي العالمي، حيث أصبحت الولايات المتحدة المركز الرئيسي للاقتصاد الرأسمالي.

خلال عشرينيات القرن العشرين، شهدت الولايات المتحدة ازدهاراً اقتصادياً غير مسبوق، عُرف باسم "العشرينيات الصاخبة". لكن هذا الازدهار كان يخفي تحته مشكلات هيكلية خطيرة في النظام الاقتصادي الأمريكي، والتي ستظهر لاحقاً في أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929.

أسباب أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929

تعددت أسباب أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 وتشابكت، ويمكن تلخيص أهمها في النقاط التالية:

1. فائض الإنتاج والاستهلاك المحدود

بعد الحرب العالمية الأولى، ازداد الطلب الأوروبي على المنتجات الأمريكية، مما دفع المصانع الأمريكية إلى زيادة إنتاجها. ومع تعافي أوروبا تدريجياً وعودتها للإنتاج، انخفض طلبها على السلع الأمريكية. في نفس الوقت، لم يرتفع الاستهلاك المحلي الأمريكي بما يكفي لاستيعاب هذا الفائض، مما أدى إلى تراكم المخزون وانخفاض الأسعار.

2. المضاربة في سوق الأوراق المالية

شهدت بورصة وول ستريت خلال العشرينيات ارتفاعاً غير مسبوق في قيم الأسهم، مدفوعاً بالمضاربة المحمومة. قدمت البنوك قروضاً بفوائد منخفضة للأفراد لشراء الأسهم بهدف المضاربة، مما خلق فقاعة مالية ضخمة. ومع تباطؤ النمو الاقتصادي الحقيقي وتراجع أرباح الشركات، انفجرت هذه الفقاعة يوم الخميس الأسود (24 أكتوبر 1929) حين انهارت أسعار الأسهم بشكل دراماتيكي.

3. ضعف النظام المصرفي وغياب الرقابة

كان النظام المصرفي الأمريكي في عشرينيات القرن العشرين يعاني من ضعف هيكلي وغياب الرقابة الفعالة. قدمت البنوك قروضاً غير مؤمنة بضمانات كافية، مما جعلها عرضة للانهيار عند أول أزمة. وهذا ما حدث بالفعل بعد انهيار البورصة، حيث أفلست آلاف البنوك الأمريكية.

4. السياسات الاقتصادية غير الملائمة

اتبعت الحكومة الأمريكية قبل الأزمة سياسة عدم تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية. هذه السياسة سمحت بتراكم الاختلالات الاقتصادية دون رقابة أو تصحيح.

مظاهر أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929

تجلت أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929 في مظاهر اقتصادية واجتماعية متعددة، أثرت بشكل عميق في حياة الملايين من البشر.

المظاهر الاقتصادية
  • انهيار القطاع المصرفي: ارتفع عدد البنوك المفلسة من 642 بنكاً عام 1929 إلى 2300 بنك عام 1931. أدى ذلك إلى توقف القروض وفقدان المودعين لمدخراتهم.

  • انكماش النشاط الصناعي والتجاري: أفلست آلاف الشركات الصناعية والتجارية، حيث بلغ عدد المقاولات المفلسة 31,822 مقاولة عام 1932. انخفض الإنتاج الصناعي الأمريكي بنسبة 46% بين عامي 1929 و1932.

  • انهيار التجارة الدولية: تراجعت التجارة العالمية بشكل حاد، خاصة مع تبني الدول السياسة الحمائية.

  • انخفاض الأسعار: انخفضت أسعار السلع والمواد الأولية بشكل كبير، مما أدى إلى خسائر فادحة للمنتجين.

المظاهر الاجتماعية
  • البطالة الجماعية: ارتفعت نسبة البطالة في الولايات المتحدة من 3% عام 1929 إلى 25% عام 1932، مما يعني أن ربع القوى العاملة الأمريكية كانت عاطلة عن العمل.

  • انخفاض الأجور: انخفضت أجور العمال الذين احتفظوا بوظائفهم بنسبة وصلت إلى 60% في بعض القطاعات.

  • الفقر والتشرد: ظهرت أحياء الصفيح حول المدن الكبرى، وانتشار الفقر.

  • التوتر الاجتماعي: تصاعدت الاحتجاجات والإضرابات العمالية، وظهرت حركات اجتماعية جديدة تطالب بتغيير النظام الاقتصادي.

انتشار أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 عالمياً

لم تقتصر أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 على الولايات المتحدة وحدها، بل امتدت لتشمل معظم دول العالم الرأسمالي، خاصة الدول الأوروبية. وساهمت العوامل التالية في انتشار الأزمة عالمياً:

1. انسحاب رؤوس الأموال الأمريكية

مع بداية الأزمة، سحبت الولايات المتحدة رؤوس أموالها المستثمرة في أوروبا، وطالبت باسترداد القروض التي منحتها للدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى. هذا أدى إلى انتشار الأزمة  في أوروبا.

2. انهيار التجارة الدولية

تبنت معظم الدول السياسة الحمائية لحماية صناعاتها المحلية، مثل رفع الرسوم الجمركية والحصص الاستيرادية. أدت هذه السياسات إلى انهيار التجارة الدولية، التي انخفضت بنسبة 65% بين عامي 1929 و1933.

التدابير المتخذة لتجاوز أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929

واجهت الدول المتضررة من أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 هذه الأزمة بطرق مختلفة، لكن أبرز هذه التدابير كانت "سياسة النيوديل" (New Deal) التي طبقها الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بعد توليه الرئاسة عام 1933.

سياسة النيوديل

قامت سياسة النيوديل على تدخل الدولة في الاقتصاد لتصحيح اختلالاته، وتضمنت مرحلتين رئيسيتين:

المرحلة الأولى (1933-1934)

  • قانون الإنقاذ البنكي: أغلقت البنوك مؤقتاً، ومُنع تصدير الذهب والعملات، وخُفضت قيمة الدولار لتشجيع الصادرات.

  • قانون التوازن الفلاحي: قُلصت المساحات الزراعية لرفع أسعار المنتجات الزراعية، وقُدمت مساعدات للمزارعين.

  • قانون إصلاح الصناعة الوطنية: حُددت كميات الإنتاج والأسعار للحد من المنافسة ، ووُضعت قواعد للعمل مثل تحديد الحد الأدنى للأجور وساعات العمل.

  • إنشاء إدارة الشغل المدني: نُفذت مشاريع عامة كبرى لتشغيل العاطلين، مثل بناء السدود والطرق والجسور.

المرحلة الثانية (1935-1937)

  • قانون الضمان الاجتماعي: أُنشئ نظام للتأمين ضد البطالة والشيخوخة.

  • قانون واغنر: تم الاعتراف بحق العمال في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.

  • الإصلاح الضريبي: فُرضت ضرائب تصاعدية على الشركات ذات الدخل المرتفع.

نتائج وعبر من أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929

حققت سياسة النيوديل نجاحات متفاوتة في مواجهة أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929. انخفضت نسبة البطالة من 25% عام 1933 إلى 14% عام 1937، وتحسنت الظروف المعيشية للعمال، وانتعشت التجارة والزراعة. لكن الانتعاش الاقتصادي الكامل لم يتحقق إلا مع اندلاع الحرب العالمية الثانية.

تُعتبر أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929 نقطة تحول في تاريخ الفكر الاقتصادي والسياسات الاقتصادية. ويمكن استخلاص عدة دروس مهمة منها:

  1. أهمية تدخل الدولة: أظهرت الأزمة أن آليات السوق وحدها لا تكفي لضمان استقرار الاقتصاد، وأن تدخل الدولة ضروري لتصحيح الاختلالات وحماية الفئات الضعيفة.

  2. ضرورة تنظيم القطاع المالي: كشفت الأزمة عن مخاطر المضاربة غير المنضبطة وضعف الرقابة على البنوك.

  3. أهمية التوازن بين الإنتاج والاستهلاك: أبرزت الأزمة ضرورة وجود قدرة استهلاكية كافية لامتصاص الإنتاج المتزايد.

  4. الترابط بين الاقتصادات العالمية: أوضحت الأزمة مدى الترابط بين اقتصادات الدول المختلفة، وكيف يمكن للأزمة في دولة واحدة أن تنتشر عالمياً.

خاتمة: درس أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929

إلى جانب الأزمات التي يتخبط فيها العالم الرأسمالي بعد الحرب العالمية الأولى ظهرت  أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929 التي تسببت بطريقة غير مباشرة في اندلاع الحرب العالمية الثانية.

ملخصات مهمة:

ملخص درس تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث

ملخص درس تفاوت النمو بين الشمال والجنوب 

ملخص درس القضية الفلسطينية جذورها وأشكال التمركز الصهيوني 

ملخص درس العولمة

تعليقات

عدد التعليقات : 0